أضف تعليق

حوادث لا تنسى حوران على خط المواجهة مع الاحتلال الفرنسي

حوادث لا تنسى

حوران على خط المواجهة مع الاحتلال الفرنسي

كم من الاحداث التي نتعرض لها في حياتنا نستطيع ان نقول عنها انها حدثت معنا من قبل أو حدث شبيها لها في حياتنا او حياة من سبقنا من أجيال …؟20

في سياق ذلك أتذكر حادثة كان أبي يرويها لنا عن بطولات أهل حوران اثناء الاحتلال الفرنسي وعن شأمتهم وكرامتهم التي يدافعون عنها بأرواحهم وفق مقولة مترسخة في وجدانهم ( الموت ولا المذلة )… هذه الحكاية بدأت حين ارسلت فرنسا عقب احتلالها سورية في معركة شهيرة اسمها ميسلون وكان بطلها يوسف العظمة  , ارسلت  مفرزة مؤلفة من عشرين جنديا سنغالياً إلى حوران، غير أن أهل حوران منعوا مجيء هذه القوة وأجبروها على العودة إلى دمشق بنفس القطار الذي أتت به . ورفضوا دفع حصتهم التي فرضتها عليهم فرنسا تحت مسمى غرامة حرب والتي كانت قيمتها 10 ملايين ليرة وزعت على سوريا كلها بالاضافة لعشرة الاف بندقية , وطالبت بتسليم كافة الوطنيين الذين حاربوا ضدها .

كان رئيس الوزارة وقت ذاك هو علاء الدين الدروبي الذي قرر الذهاب الى حوران لتهدئة اهلها , ولإقناع زعمائها بتلبية دعوة الجنرال غورو للبحث معهم في شأن الغرامات التي فرضها على منطقتهم ( تلك الغرامات التي قرر الحتلال الفرنسي انها تكلفة تلك الحرب التي شنها على سوريا , والتي يريد تحصيلها من الشعب الذي قتل ابناءه )، والاتفاق معهم على كيفية الدفع. غير أن زعماء حوران أبو الحضور، وكان الوفد يتألف من رئيس الوزراء يرافقه عبدالرحمن باشا اليوسف رئيس مجلس الشورى (نظرا لما كان يظن بان له نفوذًا على الحوارنة لوجود صلة مودة بينه وبين السيد فارس الزعبي أحد زعماء الحوارنة)، والسيد عطا الأيوبي وزير الداخلية، والشيخ عبد القادر الخطيب، والسيد أحمد الخاني مرافق رئيس الدولة والسيد منير بدر خان.

وقبل أن يغادر الوفد دمشق كان الخبر قد وصل إلى شيوخ العشائر في حوران، ويذكر الزعيم السوري الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في مذكراته أن الشيخ فواز البركات الزعبي دعا فور وصول الخبر إليه المجاهدين أحمد مريود ونبيه العظمة والأمير محمود الفاعور للإجتماع في منطقة الأزرق، وتمَّ الاتفاق في الإجتماع على قتل جميع أعضاء الوفد ومصادرة القطار الذي سيحضرهم وتحريكه إلى عمَّـان، وتمَّ تكليف عدد من الثوار وشباب العشائر الحورانية لتنفيذ المهمة عند وصول الوفد إلى خربة غزالة .وعلم متصرف حوران “أبي الخير الجندي” بالموضوع و أبرق المتصرف إلى وزير الداخلية يعلمه بأن الشعب الحوراني في هياج، وأن الوضع الراهن يستوجب تأجيل الزيارة ريثما تهدأ الحالة، ولما علم بإصرار رجال الحكومة على المجيء عززها ببرقية ثانية بين فيها خطورة الحالة، ووجوب العدول عن الزيارة مؤقتا. وصلت البرقية الأولى بالفعل إلى وزير الداخلية، أما الثانية فقد تأخر تسليمها  لأمر ما  دقائق معدودات كان خلالها رجال الحكومة المشار إليهم قد ركبوا القطار في طريقهم إلى درعا.

وما إن وصل القطار الذي يقلُّ رجال الحكومة إلى محطة خربة غزالة حتى أمطره الثوَّار وشباب العشائر الحورانية بالرصاص، فقُتل رئيس الحكومة علاء الدين الدروبي على الفور، وهرب رئيس مجلس الشورى عبد الرحمن اليوسف إلى مخفر الشرطة فلحق به الثوار وقتلوه هناك، كما قتل معظم الضباط والجنود الفرنسيين المرافقين للوفد …. واستمرت المعارك في حوران وغيرها ضد الاحتلال الفرنسي الى يوم الاستقلال , وحدثت بطلولات كثيرة هنا وهناك , ولكن تلك الحادثة بقيت في ذاكرة التاريخ شاهدة على كرامة ذلك الشعب وجرأته وعدم قبوله للذل والمهانة .

أضف تعليق